رد على مقال للصحافي مارتن جاي بعنوان:

رد على مقال للصحافي مارتن جاي بعنوان: "العلاقة المتنامية بين زيادة السرطان في لبنان والفساد المحرض في الاتحاد الأوروبي" المنشور في مجلة انترناشونل بوليسي دايجست في 11 أيار، 2019


بيروت، في 30 أيار 2019،
بات قطاع النفايات في لبنان، ومنذ اندلاع الأزمة في العام 2015، موضوعًا حساسًا للغاية وغالبًا ما يتّم ربطه بالفساد والممارسات الخاطئة. وبما أنّ مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية (OMSAR)، يدعم كلّياً الصحافة ويؤمن بحرية التعبير، ويعتقد أن للرأي العام الحق في التحقيق والحصول على المعلومات كافة والإبلاغ عن أي شكاوى، ولكنه يأمل أن تستند القضايا المقدمة إلى أدلة ملموسةٍ وأن تكون التقارير عادلةً ونزيهةً.

نشر أحد الصحافيين الأجانب، في 11 أيار 2019، مقال بعنوان "العلاقة المتنامية بين الطفرة السرطانية في لبنان والفساد في الاتحاد الأوروبي" على شكل تحقيق، يزعم أن السكان في منطقة شمال لبنان، يتعرضون للتسمم بمياه الآبار الملوّثة، في أعقاب مشروع لإعادة التدوير الذي يموله الاتحاد الأوروبي، في إشارةٍ إلى مصنع الفرز والتسبيخ الذي يُديره مشروع إدارة النفايات الصلبة لدى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، في  منطقة المنية، والذي يعالج 77 طنًا من النفايات يوميًا. يدّعي المقال، أن هذا المعملَ هو المسؤول عن الأعداد المتزايدة للوفيات بسبب السّرطان في شمال لبنان.
وفي هذا الصدد، يودّ مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية OMSAR دحض المعلومات الخاطئة المقدمة في التقرير، والتي يعتبر الكثير منها غير صحيح من الناحية الواقعية والعلميّة ومضلّلةٌ ومبالغ فيها. لا يجب التقليل من حدة وأهمية الأزمة البيئية التي تحدث راهناً في منطقة المنية الضنية بعد إغلاق مكب العدوة (الذي تم وصف آثاره السلبية لاحقًا) ولكن يجب إطلاع الرأي العام بشكل صحيح على الأسباب وآثار الأزمة والمخاطر التي يتعرضون لها، بشكلٍ صحيح. 
من المهم أن نذكر في هذه المرحلة، أن أحد المصادر الرئيسية لتقرير المؤلف، وتحديداً "المبلّغ عن المخالفات" المشار اليه في المقال، ينفي تمامًا في الواقع الإدلاء بتصريحاتٍ، يشتبه فيها بالفساد في تنفيذ مصنع الفرز والتسبيخ في المنيه. قام السيد عماد مطر، رئيس اتحاد بلديات المنية، منذ ذلك الحين بنشر تصريحات يشير فيها إلى أن المعلومات التي أدلى بها، قد تمّ تلفيقها، ما يقوّض تمامًا سلامة المعلومات الواردة في المقال وادعاءاته.
تاريخ منشأة الفرز والتسبيخ في المنية 
وفي التفاصيل، يجب أن ننظر إلى الجدول الزمني لمنشأة المنية. قام المهندس زياد أبي شاكر - صاحب شركة الخدمات البيئية Cedar Environmental، بتقديم تكنولوجيا استخدام براميل التسميد لاتحاد بلديات المنية، عام 2005؛ وتمّ تبنّي هذه التقنية والمضي قدمًا فيها. بعد ذلك، قدم الاتحاد طلبًا للحصول على تمويل من الاتحاد الأوروبي من خلال مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية OMSAR، بصفته السلطة المتعاقدة، وتم طرح المناقصة لاحقًا للتنفيذ باستخدام تكنولوجيا التسبيج بواسطة البراميل كما هو واضح بالتفصيل في الاقتراح.
فازت شركة البنيان Al Bonyan  بمناقصة إنشاء المنشأة، وتم توريد المعدات (بما في ذلك سيور النقل) إلى شركة مانوتيك Manutech. تم الانتهاء من أعمال المنشأة في عام 2013، وبعد ذلك تم طرح مناقصة تشغيلها وصيانتها من قبل اتحاد بلديات المنية. تألفت لجنة التقييم من ممثلين عن الاتحاد، مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية OMSAR، ووزارة البيئة. تم منح العقد لمدة سنة واحدة لشركة محلية اسمها Sanitek s.a.r.l، وهذا العقد قابل للتجديد لمدة أقصاها ثلاث سنوات.


وخلال مدّة إدارة Sanitek للمنشأة، بذلت العديد من المحاولات لتشغيل البراميل بغرض معالجة النفايات العضوية، من دون نجاح. ذكرت الشركة أنه لا يمكن تلبية الشروط المطلوبة داخل البراميل وتحديداً مستويات درجة الحرارة والرطوبة اللازمة لعملية التسبيخ. لقد بذلت جهود لزيادة درجة الحرارة عن طريق نفخ الهواء الساخن في الوعاء ولكن من دون جدوى لأن لهذا أثر على توازن الرطوبة ولم يعمل ببساطة.
وقد كشفت شركة سانيتك Sanitek أنّ استخدام هذه التقنية مجهداً، ويستغرق وقتًا كبيرًا وغير فعال وبالتالي توقفت الشركة عن استخدام البراميل لإنتاج السباخ العضوي. في عام 2016، قرر الاتحاد إزالة البراميل تمامًا من داخل المنشأة كما هو واضح في الرسالة 124 بتاريخ 10/03/2016 بناءً على طلب المشغّل الجديد، الجهاد للتجارة والمقاولات Al Jihad for Commerce and Contracting  
انطلاقاً من العام 2006، تم تقديم العديد من الدعم إلى منشأة المنية من قبل الوكالات المانحة الأخرى بما في ذلك برنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسيف، والتي تمّ من خلالها شراء معدات إضافية بغرض العودة إلى عملية التسبيخ الهوائي على أسرة خرسانية خارج المرفق، وهو نظام أبسط وأقل تكلفة. ومن أجل تعزيز المشغلين للتحكم في ظروف التسبيخ، تمت تغطية المناطق الخارجية لتقليل مستويات الرطوبة العالية من المطر. تم الحصول على بناء هذا الهيكل من خلال صندوق من UKAID ونفذته MercyCorps في عام 2018. بعد ثلاث سنوات، انتهى العقد المبرم مع JCC في عام 2019 وأصبحت عملية إعادة التشغيل قيد التنفيذ راهناً.

وتجدر الإشارة أيضًا إلى أنه على مدار سنوات تشغيل المنشأة، يقوم خبراء من فريق إدارة النفايات لدى متكب وزير الدولة لشؤون التنمية الأدارية OMSAR بزيارات ميدانية تفتيشية، لرصد العمليات وضمان الامتثال للمعايير البيئية والتقنية المنصوص عليها في الشروط المرجعية للعقود المعنية. وقد اقترنت كلّ زيارات التفتيش بتقارير تمّ إرسالها بشكل دوري إلى الاتحاد وبعد ذلك إلى المقاول لاتخاذ إجراءات لتحسين عملياتهم.

مشكلة تقنية التسبيخ في البراميل
إن مفهوم استخدام تقنية التسبيخ في البراميل في لبنان موجودة منذ سنوات عدّة، وتمّ تنفيذ العديد من المشاريع باستخدام هذه التقنية من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID. الفائدة الإضافية لهذه البراميل هي التقليل من وقت عملية التسبيخ. في عام 2004،أصدرت شكركة MVV Consultants and Engineers تقريراً تقييمياً لـ "مرافق استرداد المواد الريفية والسماد في لبنان"، تناول تقييم 12 حالات مختلفة، سبعة منها قدمتها Cedar Environmental بين عامي 2000 و2003. واليوم، مرفق واحد فقط من هذه المرافق لا يزال يعمل مع توليد نوعية سباخ دون المستوى المطلوب. تشير العديد من المشكلات التي تم تسليط الضوء عليها في التقرير، إلى ارتفاع تكلفة تشغيل البراميل، والانهيارات المتكررة "ويرجع ذلك أساسًا إلى مشاكل في الإمداد بالكهرباء والتي تؤدي إلى مشاكل كبيرة في عملية التسبيخ (توليد عصارة عالية وعدم تحلل المواد") وكذلك إلى وجود "القولونيات البرازية أعلى من المعايير المحدّدة من قبل وكالة الحماية البيئة EPA ". عانت العديد من المنشآت أيضًا من مشاكل بالرائحة وبالتالي أغلقت أو لجأت إلى التسبيخ بالتكويم.
دور المعالجة الميكانيكية والبيولوجية وانبعاثاتها 
المعالجة البيولوجية الميكانيكية هي عملية تهدف إلى فصل المواد القابلة لإعادة التدوير ميكانيكيا لإعادة معالجتها وتحقيق الاستقرار البيولوجي للمواد العضوية في حالة أقل ضررا. يستخدم مشروع إدارة النفايات لدى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية OMSAR هذا النموذج في جميع مرافقه الـ 12 نظرًا لحقيقة أن الكثير منا لا يقومون بفرز النفايات من المصدر ويتم خلط كل النفايات معًا بشكل عام.
يعتمد التسبيخ على التحلل البيولوجي للمواد العضوية القابلة للتحلل بواسطة البكتيريا التي تنمو في وجود الأكسجين، مما ينتج عنه مادة عضوية مستقرة نسبيًا نسميها السباخ العضوي.
يمكن بعد ذلك استخدام السباخ كمكيف للتربة، ولكن فقط إذا كان بنوعية جيدة ويحترم معايير معينة. 
يتم تحديد جودة السباخ مهما كانت التكنولوجيا المستخدمة، سواء كانت بواسطة تقنية البراميل أو تقنيةالتسبيخ بالتكويم، في الغالب، من خلال جودة المواد التي وضعت في العملية منذ البداية. 

إن استخدام نفايات مختلطة لإنتاج السباخ، لن ينتج عنه منتجًا نهائيًا يمكن استخدامه بشكل مثالي للزراعة، ولكنه سيقلل بشكل كبير من المواد الضارة للنفايات. لا يشجع برنامج النفايات الصلبة لدى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية OMSAR على استخدام السباخ العضوي الناتج من النفايات المختلطة للأغراض الزراعية ويترك الأمر للاتحاد من أجل تقرير كيفية استخدامه لأغراض أخرى مثل المناظر الطبيعية طالما أنه يفي بمعايير الجودة اللازمة التي وضعتها وزارة البيئة.

يتمتع التثبيت الحيوي للمواد العضوية بميزة إضافية تتمثل في أنه يقلل من حجم النفايات بنسبة 30٪ وعند التخلص منه ، فإنه يقلل من مستوى إنتاج الميثان وعصارة النفايات بأكثر من 90٪، على عكس التخلص من النفايات الطازجة غير المعالجة. في الواقع، يشترط العديد من الدول على المستوى الدولي أن تخضع النفايات الجديدة للمعالجة البيولوجية الميكانيكية كحد أدنى قبل طمر النفايات في المطامرالصحية من أجل تقليل الانبعاثات البيئية (أي غاز الميثان وعصارة النفايات) إلى الحد الأدنى وزيادة عمر المطمر الصحي.

المشكلة في مكب عدوة وتلوث المياه

لا يوجد في اتحاد بلديات المنية مطمر صحي حيث يمكن التخلص من النفايات المتبقية بأمان. يُعتبر مكب نفايات عدوة، مكبّ مفتوح غير خاضع للرقابة حيث تقوم العديد من البلدات والقرى في محافظة الشمال بإلقاء نفاياتها منذ سنوات عديدة، فيه. لا شك أن حجمه الكبير وقربه من نهر البارد يسبب كارثة بيئية في المنطقة، بالإضافة إلى وجود العديد من مكبات النفايات الأخرى في جميع أنحاء البلد. ومع ذلك ، فإن القول بأن مصنع المنية هو المسؤول الوحيد عن ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في المنطقة الشمالية نتيجة السباخ الذي ينتجه ويتخلص منه في المطر، يعدّ أمرًا منفرجًا. فالمعمل يحاول التقليل قدر الإمكان من كمية النفايات المتبقية بعد المعالجة، وكذلك تقليل الطبيعة الخطرة للنفايات التي تذهب إلى مطمر النفايات.

دعا وزير البيئة أخيراً إلى إغلاق مكب عدوة. لكن بأي ثمن؟ إن الافتقار إلى موقع بديل للتخلص من النفايات يعني أن البلديات أصبحت مضطرة الآن إلى ايجاد منفذ آخر للنفايات ، وعلى الأرجح في أراضٍ ملائمة بيئياً لمطمر صحيّ، في وادٍ ما في مكان ما بعيدًا عن الأنظار. لذا ، فبدلاً من وجود مشكلة مركزية ، ستكون النتيجة وجود عدد أكبر من مكبات النفايات المفتوحة المنتشرة في كلّ أنحاء المنطقة مما يجعل أي خطط لإصلاح الأراضي كابوسًا تقنيًا وماليًا. إن إغلاق مواقع التخلص من النفايات من دون بديل يذكرنا بأزمة عام 2015.

وكان خطط مشروع إدارة النفايات لدى مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية أصلاً، في إطار المرحلة الثانية من مشروع SWAM II الخاص به لبناء وتشغيل مكب نفايات صحي يخدم المنطقة بأكملها في منطقة المنية الضنية. وفي الواقع، تم تخصيص الأرض بالفعل وحتى تم الانتهاء من تقييم الأثر البيئي في عام 2018. وكان ليكون لهذا المشروع تأثيراً كبيراً على السكان والوضع البيئي في المنطقة. ولكن، تم سحب الأموال من الاتحاد الأوروبي ولم يتحقق المشروع أبدًا.

اختبارات تلوث المياه

يصف المقال كيف قام المؤلف شخصيًا بأخذ خمس عينات مياه مستقلة من آبار وفحصها في مختبر الجامعة الأمريكية في بيروت، والتي أظهرت نتائجها "مستويات عالية بشكل مثير للقلق من البكتيريا" وأن العينات كأنها "مياه مجاري". 

هناك العديد من القضايا العلمية الأولية التي يجب تسليط الضوء عليها، ربما المؤلف لم يكن على دراية بها عند إجراء دراسته الاستقصائية:
-    يعد اكتشاف تلوث المادة المرتشحة في المياه الجوفية نشاطًا معقدًا ولا يقتصر فقط على أخذ خمس عينات عشوائية. حجم العينة هذا ليس تمثيلي وبالتالي غير قاطع. لا يمكننا أيضًا التأكد من جمع عينات المياه ونقلها بشكل صحيح إلى المختبر فذلك سيؤثر على النتائج.

-    لا يوجد أي دليل أو تأكيد دقيق على المواقع التي أخذت منها عيّنات المياه على سبيل المثال القرب من محطة المعالجة أو المكبّ، عمق بئر الماء، إلخ... 

-    إنّ مؤشرات تلوث المادة المرتشحة لا تقتصر فقط على البكتيريا وبالتالي فهي ليست دقيقة علمياً ولا يمكن التوصل إلى استنتاجات تشير إلى وجود تلوث العصارة. تعد مؤشرات التلوث العضوي مثل (الطلب على الاكسجين الكيميائي، الطلب على الأكسجين البيولوجي،الكربون العضوي الكلي، إلخ) COD و BOD و TOC والمؤشرات غير العضوية مثل البورون والحديد والأمونيا والكلوريد والصوديوم و TDS معلمات أكثر موثوقية للإشارة إلى تلوث المياه الجوفية بعصارة النفايات.

-    إنّ منطقة المنية تعاني من عدّة مصادر للتلوث، منها تصريف المياه المبتذلة في الأودية والأنهار في حفر الصرف الصحي، وانتشار المكبات العشوائي للنفايات، فضلاً عن تصريف النفايات الصناعية والطبية بطريقة غير سليمة، وبالتالي، لا يمكن حصر مصادر التلوث عند فحص المياه في مكان محددّ، وبالتالي، لا يوجد أي دليل يؤكد أن مصدر التلوث في المنطقة بأكملها يأتي مباشرة من معمل معالجة النفايات في المنية. 


 
إتصل بنا

371505 (1) 961+

info@omsar.gov.lb