المدراء العامون يناقشون دورهم في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد
برعاية رئيس مجلس الوزراء السيد نجيب ميقاتي وبحضوره، عقدت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية السيدة نجلا رياشي اجتماعًا مخصصًا للمدراء العامين في الوزارات والإدارات العامة بشأن دورهم في متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وذلك بمشاركة نائب رئيس مجلس الوزراء السيد سعادة الشامي ووزير الاقتصاد والتجارة السيد أمين سلام ووزير السياحة السيد وليد نصار ورئيس وأعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ورؤساء ديوان المحاسبة ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي والهيئة العليا للتأديب، اضافة الى فريق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي باعتباره الشريك الدولي الرئيسي في دعم تنفيذ الاستراتيجية.
تحدث الرئيس ميقاتي إلى المشاركين قائلا أن "ما وصلت اليه البلاد عموما، والإدارة خصوصًا، تتحمل مسؤوليته عقود متعاقبة من السياسات والممارسات التي لم تعر بناء دولة القانون والمؤسسات الاهتمام اللازم، مما جعل مقدرات بلادنا عرضة للهدر والفساد، وجعل شؤوننا الداخلية عرضة للتدخل والتداخل حتى تراجعت اعتبارات المصلحة العامة أمام المصالح الفئوية ودخل لبنان في هذه الأزمة العميقة التي نشهدها اليوم". وأكد الرئيس ميقاتي على أهمية الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد معتبرًا أن تنفيذها يتطلب تضافر جهود الجميع، مؤكدًا التزام الحكومة باتخاذ كافة الخطوات اللازمة في هذا الشأن، بما فيها دعم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تم تعيينها حديثًا، داعيًا إلى التكامل فيما بينها وبين الجهات الأخرى المعنية، ومؤكدًا على دور المدراء العامين في متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في إداراتهم، بما في ذلك التوعية بمضامينها والالتزام بمبادئها وتنفيذ مختلف القوانين ذات الصلة بها.
في كلمتها، أكدت الوزيرة رياشي على أهمية الاجتماع من حيث الشكل لناحية أنه الأول الذي يجمع المدراء العامين في السراي الكبير بحضور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والأجهزة الرقابية كافة، وكذلك من حيث المضمون لناحية تركيزه على دور المدراء العامين في الوقاية من الفساد ومكافحته. وشددت الوزيرة رياشي على أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تشكل خارطة طريق وطنية وعملانية مفصلة للفترة الممتدة بين عامي ٢٠٢٠-٢٠٢٥، وهي الأولى من نوعها التي تعبر عن إرادة سياسية غير مسبوقة ورغبة مجتمعية ملحة لحماية اقتصاد لبنان وأمنه واستقراره من خطر الفساد وتشكل أداة عملية لدعم كافة الجهود المبذولة في هذا المجال، إضافة إلى أنها تتواءم مع التزامات لبنان الدولية في إطار تنفيذ "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" والخطط الإصلاحية، الامر الذي من شأنه أن يعزز ثقة المواطن والمجتمع الدولي بلبنان. حثت الوزيرة رياشي أيضًا في كلمتها المدراء العامين على تعزيز الجهود من أجل تنفيذ الاستراتيجية، منوهة بالدور القيادي الذي يلعبونه والمسؤولية الهامة التي يتولونها من أجل الوقاية من الفساد ومكافحته نظرًا لأن هذا الأمر هو جزء لا يتجزأ من أولويات الإصلاح وضرورة من ضرورات التعافي وإخراج البلاد من الازمات التي تعانيها وبناء مستقبل أفضل لجميع اللبنانيين.
عرض بعد ذلك الاستاذ علي برو، مسؤول وحدة متابعة تنفيذ الاستراتيجية في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية، تقريرًا مفصلًا عن مضمون الاستراتيجية والجهود المبذولة لتنفيذها والتحديات التي تواجهها، عارضًا لسلسلة من المقترحات العملية التي تم توزيعها على المدراء العامين والتي من شأنها أن تشكل إطارًا عامًا استرشادياً يتعلق بدورهم في متابعة تنفيذ الاستراتيجية في وزاراتهم واداراتهم.
تبع ذلك مداخلة الاستاذ أركان السبلاني رئيس المستشارين الإقليمين في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لشؤون تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، حيث ثمّن أهمية المسار المنتهج في تنفيذ الاستراتيجية منذ اعتمادها في عام ٢٠٢٠، ولا سيما لناحية إشراك المجتمع المدني، وأكد على أهمية قوانين مكافحة الفساد التي تم سنّها خلال الأعوام القليلة الماضية معتبرًا أن التحدي الأكبر يكمن في تنفيذها، وأنه برغم بروز عدد من المبادرات التنفيذية، لا يزال هناك فجوات واسعة في عملية تطبيق القوانين لا سيما في القانون المتعلق بالحق في الوصول إلى المعلومات وقانون التصريح عن الذمة المالية والمصالح وملاحقة الإثراء غير المشروع، وتحدث عن أهمية الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وضرورة دعمها كي تعمل باستقلالية وفعالية مشيرا إلى الالتزام الذي عبر عنه المجتمع الدولي لناحية مواكبتها في مرحلتها التأسيسية وتوفير المساعدة الفنية لها، وختم الاستاذ السبلاني بالإشارة إلى أهمية تفعيل المبادرات القطاعية في كل وزارة لتحديد الثغرات القانونية الإدارية والتنظيمية التي يمكن أن ينفذ منها الفساد والعمل على معالجتها حتى يتم الاستفادة من الموارد المحدودة الموجودة لدى الدولة في هذه المرحلة بالشكل الامثل لتقديم الخدمة إلى المواطن واستعادة الثقة بالدولة.
تحول بعد ذلك الاجتماع إلى حلقة نقاشية موسعة تحدث خلالها الوزيران امين سلام ووليد نصار ورئيسة مجلس الخدمة المدنية السيدة نسرين مشموشي ومحافظ بعلبك-الهرمل السيد بشير خضر وعدد من المدراء العامين حيث تطرق النقاش إلى ضرورة معالجة الأزمات التي تواجه الإدارة لناحية شح الموارد وزيادة التسرب الوظيفي وظاهرة التوظيف العشوائي في مقابل استمرار حال الشغور في عدد كبير جدًا من المراكز الإدارية القيادية، كما تمخّض عن النقاش عدة أفكار تعنى بتفعيل الرقابة التسلسلية وتنفيذ القوانين المتعلقة بتعزيز شفافية المعلومات وتفعيل المساءلة في الإدارة ووضع سياسة عامة لحماية الموظف العام وتحفيزه على أداء دوره في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها أكثر من غيره، مع لفت النظر إلى ضرورة المبادرة إلى اتخاذ خطوات لمعالجة مكامن الهدر ومنافذ التدخل السياسي والطائفي في عمل الإدارة، واختتم الاجتماع بالاتفاق على عقد اجتماعات مماثلة بشكل دوري ومتابعة خلاصات النقاش الذي تم من أجل وضع وتطبيق خطة عمل للمدراء العامين بالتشاور معهم وذلك في إطار العمل على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.